2011-11-24

رقص في غرفة للريح



(1)
مصادفة
مسّني حرث آلهة الخريف القادم
إذ أنا ممسوسة الحرث ،
لا بَذْر ولا حصاد يزهو بين شفاهي
وحرْزِي أضاء جلدي المحروث ، ولم يحلّ تعويذته سوى الفراغ
المعقود بلساني ...
تقوّل بثلاثين لغة لم أعهده يبكي بها ، وأَلْفِ لهجة
ارتعد وصفحة الماء التي امتحنت حواسي النائمة 
 يدلّني على رحى ضيقة
ولا أفهم شكواه - لساني - الغائرة في صوتي
ثلاثون بربريّ يلهجون بفزعي
ويفرقونه على الأقوام التي تعرف خطوط يدي
يقرؤوني ولا يفقهون عناد الخط الأوسط
يُترع بالمنحنيات ، عميقة داكنة ومرحّباً بها
سوّرتُ أرضي _ لغتي الأم
بفزّاعات  تقول الشمس ولا تنعس
فتحتْ أحشاءها للطير ، ثكلى الصبر
استأنستْ رغبتي هزّ أوردتها المعصورة  في دمي
وتقطير لحائها الصوفي لسقوف سمائي الرثة
- عجلي هطلكِ ، عجلي نزولكِ سابع الأمنيات ، تقوّتي أسمال الشكّ ، فلا تجادلي عن معرفة ، تدنّس اتجاهاتك المرفوعة لكِ ، والمنزلة بكِ –

(2)
حمّلتني ندوبي رهاناً لن تواريه الخسارات
ولا رائحة القطارات الليلية
فقط المطر يغسل هواياتي السرية ، ويوقد سفني للوجع
يوصد الفخاخ على نجاتي
فالخطاؤون يحتاجون الشمس
وكل أخطائي تمشي على الماء وتذوي
والسياط تسوطني لكنها تشبه نكهة الورق الفضي
وهي تتحرى اللذة تحت لساني .
أقبض مصائري ، تسيل عبر الردهات والدهاليز
هل مكتوبة في قاع نهر جفّت كرنفالاته ؟
أم ترتقي منصاتي وتنتظر أن تكون لي
" هل ما نريده تعلنه أجراس مسافرة في لحمنا ؟؟
هل ما سنحلم به نأي بنا عن مجرات الذهول لغوايات مالا يكون ؟ "

(3)
يا من طليتَ كفي بالخيبة وسحنتي بالوقت
جد لي خطوطها ولا سيما الأوسط
أو ...
حرّفها بعين مغمضة وأخرى منحوتة للصحو، فأنا صاحية كطبول الغجر، مغلقة بألسنتي وحرابي ملوية إلي ، كمن يُساق ليلاً لحافة الخدر ويعود مسكوناً بحكايات اليقظة ، لا أعرف اللغة التي يريد جسدي عبورها ، وغير متأكدة من عزمه المبيت للتهجي .... كنت أعرفها شائكة تبلغني الأنوثة مكلومة بلا آخرحقيقي . وأحتارُ كيف تغيرنا النهارات الرطبة  ... كأن نقرراليوم أن نعبر حقل ألغام طرياً ، بلا بدائل واضحة لأصواتنا ورئاتنا . كيف نمتنع في أقصى لحظات الإشراق عن اختيار حروفيات جسدية شبيهة بما نحن . كيف نكون مواربين عندما نظن أننا ما عدنا نتعلم ؟ .... نتعلم من أجسادنا ...
إنها أجسادنا مقاس مثلوم لما نريد  وخائر الضوء لنا .... نحن كاتمو السحر والمرايا .
ثم تأخذنا الموسيقى
للرقص في غرفة للريح
موصدة على أقدامنا تلاشى زمانها ومكانها ، بلا عنوان زيتيّ
فنكون كلاً واحداً
أعلّق على أكتافي لوحات غريبة وأوراق مصفرة
وتأخذني الريح لأعلمها ترك أثر طيني على الغيوم
وجدران الغرفة تطبق ، تهصرنا
وتكتبني على كل الهواء الموجع ،
(رقصتْ مع الريح......)

(4)
لكن من يلملم جسدي ليزرعه حقل أقحوان عند الفجر؟
ويفاجئني ..بعندليب تأوّه في فمي دماً وثنياً
وأشفق على أحشائي ... تركها للرسائل المؤجلة ،فجة خاوية
من يأخذ بيدي تتلوى بين الضلع ورديفه
ويعيد صورتي إلى مرآتي ،
فتغزوني توائمي المقدّرة لي ، تلهو بالحيف قائماً بيننا
تخلط سكوني بجنوني صافياً ، تكثّفه مهرجان وجوه
 وآخر العجاج
يخطف الحسرات ، يربطها بمقبض قلب واحد ، يعرفه بعضي
ومعظمي يغلبه القلق والتوجس منه فينحاز للمدافن البيضاء .

(5)
أنتِ رجس من حمى وطين وتيه
لا تعرفكِ النهايات
احملي خطوطكِ العسراء راية نار
فلن تظفري .
.............

2011-11-15

هذه أنا .... والطوفان ملأني



ثقيل الطوفان ليلاً عبر الهواء المرّ
لننام قليلاً
فنخنق رئاتنا بالأحلام الطافحة
لا نرفع رؤوسنا كثيراً
فما سلف يخثّر أبصارنا بما تحت وسائدنا :
(لوعة أرق أصفر -
أخطاؤنا تمحينا ولا تصفح -
وسفرٌ .....  فأجنحتنا تزفّها الريح الباردة
وتهوى السُكُر –
وتعبٌ ،
تعبٌ يزحف فخوراً ... لن نكون لنا في حلم .)
غُلبنا كل يوم
دللتنا الأقدار المهووسة بالضجر
فضجرنا .
بلا سقف سُلخنا من أرحامنا الهزيلة
وهل الولادة غير حبرنا الذهبي على شواهدنا
(جنّ .... وقتلته الموسيقى)
لكني .....
سأعبث بكل أسراركم
اغتالني الملل ، فتباً لما ظننتموه عني
أرقِي علامة نبوءة ،
للخوف وهدر التمني  وتقصي وجع البرد في جسد صغير هَزِل ،
فاحتمى بأضلاعي ..... وتاه .
سأعقد كل نوافذي وما مرّ من طوفانات ثقيلة الليل
فأتذكر ....
ربما
تغويني هذه الصبية الملتاعة بالانتظار الأخرس
فلن أعود لأي تراب لا يحدس اسمي
ويصفّي الشتاء القادم من فكرة هاربة
تعرفني هشة الجدران
تبعثرني
وتحرق ديوان شعر وشمْتُه
بالقرب من صوتي
أسميته
"هذه أنا والطوفان ملأني "

2011-11-08

حُبلى .... بالغرق



أريد سراً أن أكشط ذاكرتي المتجبرة فتولد من جديد هائجة ، مختلجة ، متوائمة ، بي .
أريد فقط أن آخذ مسحاً لسبابتي وإبهامي كيف استدلا على كل هذه العربدة ، بي .
أمنح نفسي الوقت والقدرة والرغبة .... لاستنطاق كل طيات ومسام روح تأتي كالهبوب الخريفي ، وتروح كأحجية مبتورة الدفء ، تصعد كالتنميل إلى ......؟؟؟ لا أعرف أحياناً إن كان القلب يعرف طعمها المعدني وكل هذا الصدأ يكشفها .
كل مرة لا أقرؤني بحكمة أسراب القناديل البحرية ، تغادر لتكف عن حروق الدرجة الثانية وموت معلن للجروف الخفيضة ، لا أعرف أن أتهجأ أمسيات محفوفة بالعلن الداكن برائحة شواء تخيّب حواسي .
قطع زجاج ملون
أَخْتلسُها لأراني وأشمُني بغيوم حبق جبلي
أَلْمسُني  بكل أجنحة الفراشات التي ورثتها بوصية ناقصة
خبأتُ كسرات الضوء والصراخ
وهدهدتُ أرصفتي الشائنة
وكتبتُ ما لا أعرفه عني وعن الفصول المتقلبة
والجدائل الصغيرة تلوّح
للعابرين القادمين
خلفهم حيرة وكفاف مرارة  
مرروها لي كسلام بارد
امتقعتْ أنفاسي بصفرتهم
وانتحلتُ جلودهم الملساء
ما عدتُ أعرفني أكثر
فكيف أعرفني قبلاً ؟
من يعرفني ؟؟
فيدلني على نجمتي الفضية
نسيتها في المسافة بين جسدي وروح صغيرة تقاسمتها
كل مساء مع رائحة الشمع وأسئلتي
وقارب ظليل يتركني .... حُبلى
بالغرق .